في عام 1447 م قام يوهان غوتنبرغ بتقديم اختراع سيغير العالم إلى الأبد.. آلة الطباعة!
واحدة من الخصائص التي ينفرد بها الجنس البشري هي فكرة "التراكم المعرفي" والتي أظنها هي أساس كافة الحضارات الإنسانية بأشكالها المختلفة، لم نجد ثعلبًا قام بسرد أو كتابة أو حفر بعض تجاربه داخل إحدى الكهوف ليقرأها من بعده ويتأملوها ويتدارسوها فيما بينهم للبناء عليها؛ ولكن الإنسان فعل.. منذ آلاف السنين!
ولأن التراكم المعرفي والكتابة ونقل المعلومات هم من أسس التطور البشري، كانت أي فكرة بمقدورها أن تنشط تلك المنظومة وتجعلها متسارعة هي فكرة فاصلة في تاريخ البشرية، لذا كان التسارع الحادث بعد اختراع غوتنبرغ بمقدوره أن يغير كل شيء.
سمعت بعض القصص التاريخية التي لم أتحقق من صحتها تقول: إن الفجوة التي حدثت بين العالم العربي وأوروبا من الناحية العلمية كانت نقطة بدايتها اللحظة التي منع فيها بعض سلاطين العرب قديمًا استخدام تلك الآلة -آلة الطباعة- فبدأت العلوم تنتشر في أوروبا والمعارف والأفكار تنتقل بين الناس فتسارعت عملية التعلم والابتكار والتفكير والتجارب وبدأ المجتمع في الازدهار، بينما كان العرب مازالوا يعتمدون على نفس الآليات البطيئة في تداول العلوم والأفكار، فحدثت الفجوة الرهيبة ثم اتسعت أكثر فأكثر.
يشكل المحتوى العربي على الإنترنت طبقًا للعديد من المواقع الإحصائية حوالي 1% من إجمالي المحتوى المكتوب والمتاح على الشبكة العنكبوتية، ربما زاد في السنوات الأخيرة -لا أدري تحديدًا- ولكن تظل النسبة ضعيفة للغاية؛ الإشكالية الكبرى ليست في النسبة بشكل مجرد، بل على ماذا تحتوي تلك النسبة. الكثير من المحتويات العربية على الإنترنت تعتبر تفاهات أو أخبار زائفة أو قصص مغلوطة أو شائعات أو غيرها من المحتويات التي إن لم تكن مضرة فهي في أفضل الأحوال غير مفيدة على الإطلاق ولا تقدم أي شيء.
لماذا عليك أن تبدأ بالكتابة؟
التدوين والكتابة ليست أمور تطوعية بحتة أو غير نفعية، بل ستعود بالنفع عليك أولاً.. ولأن الإنسان -غالبًا- ما يتوق إلى مصالحه أولاً دعنا نبدأ بالتفكر في الفوائد التي قد تعود عليك من الكتابة:
- الكتابة علاج نفسي طبيعي وذاتي لتقليل الضغوطات الذهنية والنفسية، الكثير من الدراسات تتحدث عن تلك النقطة بشكلٍ مؤكد، ويمكنك تجربتها بنفسك.. الكتابة هي تفريغ مجاني لطاقة بداخلك تريد أن تنطلق، وبقاؤها حبيسة قد يضرك على المدى البعيد، ودعني اسألك سؤالاً: لماذا "تشخبط" على ورقة أثناء محاضرة أو اجتماع ممل؟ أو حتى في جلسة منفردة مع ذاتك؟
- الكتابة ستعزز من حصيلتك الثقافية ومعلوماتك المفيدة، دعني أصارحك بشيء، لم أكن أتذكر من اخترع الطباعة، ولم أعلم أبدًا في أي قرن تم هذا الاختراع، ولكني فعلت عندما هممت بكتابة هذا المقال، لأني أريد أن أكتب شيئًا متماسكاً وجيدًا، وابدأ بداية تاريخية، وإلا.. ماذا سيقول القراء عني؟ جاهل؟
- توثيق الذكريات والأيام واللحظات بالتدوين. سأتذكر في أي يوم كتبت هذه المقالة، وفي أي مكان، وفي أي توقيت تحديدًا، هذا لأن الكتابة هي حفر داخل الزمن، ومحاولة -حتى وإن كانت فاشلة- لتثبيته.
- تحسين مهاراتك اللغوية، آه لو فرّق الناس بين الهاء والتاء المربوطة، وضبطوا الهمزات، ووضعوا القليل من التشكيل والفواصل والوقفات؛ ستتحسن حياتنًا كثيرًا. أنا متأكد أنهم سيفعلون مع الوقت لو بدأوا بالكتابة! لأنه لا أحد يريد أن يكتب بشكلٍ خاطيء، ولا أحد يريد مقاومة التعلم والتصحيح مادام كان مفيدًا له.
حسنًا، ماذا عن الجانب المهني؟
في استطلاع للرأي لمستقطبي المواهب للوظائف والمجالات المختلفة، صرّح 73% منهم أنهم يميلون ويفضلون الموظف الذي يمتلك مهارات كتابة جيدة! ولا عجب في ذلك، الكتابة -خصوصًا في عصرنا- هي من أسس التواصل المهني بينك وبين زملائك أو عملائك أو مدرائك، ولو كنت جيدًا فيها فستتواصل بشكل أكثر كفاءة وأسرع، فضلاً عن مهارات توثيق عملك وتوثيق أفكارك وتنظيمها وطرحها بشكلٍ لائق.
وبعيدًا عن تفضيلات الموارد البشرية، بالتأكيد لاحظت مدى إتقانك للمادة العلمية التي كُلفت يومًا ما سواء كنت مجبرًا أو مُخيرًا بشرحها لزميلك أو بطرحها في عرضٍ تقديمي في جامعتك أو شركتك، وذلك لأن فكرة شرح شيء ما لغيرك يُشعرك بمسؤولية مضاعفة اتجاه موثوقية وترسيخ تلك المعلومات ومدى تمكنك فيها.
ودعني أذكرك أن زكاة العلم نشره، وأن النبي عليه الصلاة والسلام له أحاديث عدة عن فضل نشر العلم وثوابه، وذنب من كتم علمًا.
أين وكيف تبدأ؟
في أي مكان (منصة) وبأي أداة، و دعني أرشح لك عدة أدوات وخيارات:
يمكنك أن تبحث عن منصة تسمى "كراميلا" وهي بمثابة منصة للكتابة تمكنك من امتلاك مساحتك الخاصة للكتابة والتدوين ونشر أفكارك وبتجربة تدوين أكثر من رائعة من خلال مكونات قابلة للسحب والإفلات وقوالب جاهزة بشكلٍ مسبق مع تصميمات أكثر من رائعة
كذلك يمكنك أن تبدأ في نوشن، ففضلاً عن كون نوشن أداة لتنظيم حياتك وأفكارك، يمكنك أيضًا أن توظف نوشن كأداة للتحرير والتدوين ونشر بعض الكتابات والمقالات والتوثيقات، وجعلها عامة للجميع.
وكلا الخيارين بالأعلى هم خيارات مجانية، اما عن الخيارات المدفوعة فأرشح لك غوست، منصة إدارة محتوى رائعة، سلسة، مدمج بها اداة لإدارة النشرات البريدية والأعضاء وتحليل الزيارات وتعزيز ترتيبك بنتائج البحث وغيرها من المزايا، ابحث عنها كذلك.
هناك خيار أخير يجب كذلك أن أذكره، وهو ما لجات إليه في هذه المدونة التي أحدثك منها.. وهو خيار التخصيص الشـامـل، أي إنشاء وتصميم وتطوير مدونة من الصفر، وبتكلفة صفر كذلك!
قد يتطلب هذا الخيار بعض المهارات البرمجية وبعض الصبر وبعض المعرفة المسبقة في عدة عناوين ومنحنى تعلم يأخذ بعض الوقت لكنه صدقًا يستحق.. أوفر قالب تلك المدونة، والمزيد من المعلومات عنها وعن طريقة إنشائها بشكل مجاني، ربما أذكرها في تدوينة مفصلة لاحقًا، وإنت نسيت ذلك يمكنك أن تتواصل معي مباشرةً لمساعدتك في ذلك.
شكرًا لوقتك، سعدت برفقتك.